درس الإتحاد الأوربي نحو اندماج شامل


التأطير اإلشكالي :

االتحاد األوربي تكتل اقتصادي جهوي يتكون من مجموعة من الدول األوربية التي قررت العمل من أجل السلم والرخاء تأسس سنة 2991 بموجب معاهدة ماستريخت حيث حل محل المجموعة االقتصادية األوربية التي تأسست منذ سنة 2991 ويهدف إلى تحقيق اندماج مجالي واقتصادي ومالي.
فما مظاهر اندماج االتحاد األوربي؟
وما العوامل المفسرة له؟
وما حصيلة االندماج وآفاقه؟
المقطع األول: مظاهر اندماج االتحاد األوربي : )مجاليا اقتصاديا وماليا)
النشاط األول: مظاهر االندماج المجالي
الرسم: إلغاء الحدود بين دول االتحاد األوربي
بدأ االندماج المجالي للدول األوربية بالتوقيع على معاهدة روما سنة 2991 التي تم بموجبها تأسيس السوق األوربي المشترك بين 6 دول هي فرنسا, ألمانيا الغربية , إيطاليا, ودول البينولوكس الثالث “ بلجيكا, هولندا, لوكسمبورغ. ” ثم نمت شجرة االندماج تدريجيا بانضمام بريطانيا وايرلندا والدنمارك سنة 2911 ثم اليونان في عام 2992 واسبانيا والبرتغال في 2996 واكتمل عقد الخمس عشر دولة في عام 2999 بانضمام كل من النمسا والسويد وفلندا وابتداء من سنة 1002 امتد االتحاد األوربي مجاليا نحو أوربا الشرقية بانضمام عشر دول جديدة )سلوفينيا سلوفاكيا هنغاريا التشيك بولونيا لتونيا لتوانيا استونيا قبرص مالطا.( وبتوسيع االتحاد سنة 1001 بضم كل من بلغاريا ورومانيا سيصل عدد الدول األعضاء في االتحاد األوربي إلى 11 دولة وقد تزامن ذلك بالتوقيع على عدة اتفاقيات ساهمت في الدفع بعجلة االندماج نحو األمام ومن بينها:
اتفاقية شنغن :التي وقعت سنة 2999 باللوكسومبورغ بين 9 دول وتضم حاليا جميع دول االتحاد األوربي باستثناء بريطانيا ,ايرلندا, وقبرص كما تضم دول غير أعضاء في االتحاد هم النرويج أيسلندا وسويسرا وتسمح هذه االتفاقية للمسافرين بالتنقل دون إبراز جوازات سفرهم كما وضعت إطارا مشتركا بين الدول األعضاء في مجال التأشيرات وحق للجوء السياسي.
اتفاقية ماستريخيت :التي كانت سنة 2991م وأقرت بتأسيس االتحاد األوربي واستهدفت إنشاء مجال دون حدود داخلية وتقوية
االندماج المجالي ناهيك عن نهج سياسة خارجية وأمنية مشتركة وتقوية حماية حقوق اإلنسان
وهكذا أدى تزايد عدد الدول األعضاء إلى توسع مساحة االتحاد األوربي 2,9( كلم مربع( وإلى تضاعف عدد سكانه 299( مليوننسمة)


على المستوى االقتصادي :تمكنت دول االتحاد من تحقيق اندماج اقتصادي تجلت مظاهره في عدة ميادين.

•الميدان الفالحي :تم إقرار السياسة الفالحية المشتركة منذ سنة 2961 م التي مكنت دول االتحاد من سد العجز الغذائي لسنوات الستينيات ومن تحسين مستوى عيش الفالح وضمان األمن الغذائي.

•الميدان الصناعي :تتجلى مظاهر االندماج الصناعي في صناعة الطائرات على الخصوص حيث تمكنت كل من فرنسا ألمانيا بريطانيا إسبانيا وبلجيكا من صنع طائرة إيرباص AIR BAS التي تسيطر على حوالي % 11 من السوق العالمية للطيران كما تجلت مظاهر االندماج الصناعي في دعم المقاوالت وتشجيع البحث العلمي وغيرها

•الميدان التجاري :تتضح معالم االندماج في هذا الميدان في إنشاء السوق األوربي الموحد الذي تم بمقتضاه إقرار سياسة تجارية

النشاط الثاني: مظاهر االندماج االقتصادي والمالي
( على المستوى االقتصادي :تمكنت دول االتحاد من تحقيق اندماج اقتصادي تجلت مظاهره في عدة ميادين.
الميدان الفالحي :تم إقرار السياسة الفالحية المشتركة منذ سنة 2961 م التي مكنت دول االتحاد من سد العجز الغذائي لسنوات
الستينيات ومن تحسين مستوى عيش الفالح وضمان األمن الغذائي.
الميدان الصناعي :تتجلى مظاهر االندماج الصناعي في صناعة الطائرات على الخصوص حيث تمكنت كل من فرنسا ألمانيا
بريطانيا إسبانيا وبلجيكا من صنع طائرة إيرباص AIR BAS التي تسيطر على حوالي 11 % من السوق العالمية للطيران كما
تجلت مظاهر االندماج الصناعي في دعم المقاوالت وتشجيع البحث العلمي وغيرها
 •الميدان التجاري :تتضح معالم االندماج في هذا الميدان في إنشاء السوق األوربي الموحد الذي تم بمقتضاه إقرار سياسة تجارية
مشتركة بإلغاء الحواجز الجمركية أمام األفراد والسلع والخدمات بين كل الدول األعضاء ووضع قواعد موحدة في مجال التبادل مع
الدول غير األعضاء.
ب( على المستوى المالي : تجلت مظاهر االندماج المالي في توحيد السياسة المالية من خالل تداول عملة موحدة بين بعض بلدان
االتحاد هي عملة األورو ) اسبانيا البرتغال فرنسا ألمانيا ايرلندا هولندا بلجيكا إيطاليا النمسا اليونان فلندا لوكسمبورغ (عالوة
على توحيد السياسة في مجال تنقل األموال واالستثمارات.
المقطع الثاني: العوامل المفسرة لالندماج األوربي
أ( العوامل الجغرافية والتاريخية : تتمثل هذه العوامل في االنتماء إلى قارة واحدة التي عرفت التعمير منذ القدم وتتوفر على
مؤهالت طبيعية وجغرافية وبشرية متكاملة كما تتمثل في معايشة شعوب المنطقة لكثير من األحداث التاريخية المشتركة منها
الحربين العالميتين األولى والثانية وأزمة 2919 العالمية
ب (العوامل السياسية واالقتصادية : تتمثل في اعتماد دول االتحاد على أنظمة سياسية تتبع النهج الديمقراطي المتمثل في احترام
حقوق اإلنسان وعلى نهج اقتصادي قائم على المبادرة الحرة
ج (العوامل االجتماعية والثقافية : تتمثل في أهمية المستوى الثقافي واالجتماعي للساكنة األوربية وفي وعيها الكبير بأهمية
التكتل واالندماج
العوامل المؤسساتية : تتمثل في وجود مؤسسات تسهر على تسيير العالقات بين دول االتحاد األوربي ذات مهما ووظائف
متباينة .أنظر الجدول أعاله
المقطع الثالث: حصيلة االندماج األوربي وآفاقه المستقبلية
النشاط األول: حصيلة االندماج األوربي
أ( المكانة الفالحية :أصبحت فالحة االتحاد األوربي تحتل مراتب مهمة على الصعيد العالمي سواء من حيث المواد الفالحية أو
الحيوانية – بفضل تطبيق السياسة الفالحية المشتركة – فإنتاج القمح مثال وصل سنة 1001 إلى 216 مليون طن وهو ما يمثل
29,1 % من اإلنتاج العالمي يصدر منه االتحاد حوالي 22 مليون طن مما يؤهله الحتالل الرتبة 2 عالميا في تصدير هذه المادة
كما يحتل الرتبة الثانية عالميا في تصدير السكر بإنتاج بلغ 29,1 مليون طن والرابعة في تصدير الذرة بإنتاج بلغ 90 مليون طن
كما يساهم بنسبة 21,6 % من اإلنتاج العالمي للحوم األبقار.
ب( المكانة الصناعية :يتوفر االتحاد األوربي على إنتاج صناعي كبير ومتنوع يشمل جميع فروع الصناعة حيث يمثل االتحاد
الرتبة األولى في صناعة السيارات بإنتاج بلغ سنة 1009 م 21 مليون وحدة كما يساهم ب 21% من اإلنتاج العالمي للمواد
اإللكترونية وهو ما يمثل الرتبة 1 عالميا
ج( المكانة التجارية :تتجلى مكانة االتحاد األوربي في المجال التجاري على المستوى عالمي في كونه يساهم ب 20% من
الصادرات العالمية و 26% من الواردات العالمية وتتكون معظم صادراته من مواد مصنعة ذات قيمة إضافية مرتفعة عالوة على
تعامله مع عدة شركاء تجاريين في العالم.
النشاط الثاني: اآلفاق المستقبلية لالندماج األوربي:
تسعى بلدان االتحاد مستقبال في تحقيق المزيد من االندماج االقتصادي واالجتماعي والسياسي مع الدول األوربية بالرغم من
انخفاض مستوى عيش بعض الدول مقارنة مع بقية دول االتحاد ومما يؤكد ذلك دخوله في مفاوضات مع مجموعة من الدول منها
تركيا كرواتيا مقدونيا ألبانيا وغيرها وكلها دول وقعت اتفاقيات شراكة كمرحلة لتقديم ملف الترشيح أو دخلت في مفاوضات حول
االنضمام.
كما يعمل االتحاد األوربي على محاربة الهجرة السرية بتنسيق الجهود مع الدول المصدرة للمهاجرين ودول العبور وبتسوية
الوضعية القانونية بالنسبة لبعض المهاجرين السريين وفي المقابل يأخذ االتحاد األوربي بمبدأ الهجرة القانونية التي تخضع
لشروط إدارية ومالية وثقافية معينة في إطار الهجرة المنتقاة.
خاتمة:
هكذا يمكن اعتبار التجربة االندماجية لدول أوربا الغربية نموذجا يحتدى به نظرا إلى مستويات النجاح الذي حققته مجاليا
واقتصاديا وماليا إلى حد أنها صارت أحد سيمات النظام العالمي الجديد المتسم بهيمنة التكتالت االقتصادية.